بعد قسط من الراحة.. تركيا تتنفس مجددا سياحة !
بعد أن أخذت السياحة في تركيا ، لنفسها نفسا، ها هي تعود من جديد إلى طبيعتها، إلى معانقة السياح الذين اشتاقوا اجمل الأماكن في اسطنبول ، اشتاقوا الشوارع الواسعة، ورائحة القهوة الممزوجة بانبعاثات دخان شواء الكباب، اشتاقوا إلى الطيور التي تغني فتتزاوج زقزقتها مع صدى الصوامع في قطعة من الموسيقى النادرة التي لا يسمعها إلاّ من أتى اسطنبول زائرا .
مشاهد من الجمال والعبق والتاريخ والحضارة والحداثة، صارعت، آبية أن ترضخ لانتكاسة كورونا، فبمجرد بدء العد التنازلي للإصابات بالوباء حتّى أعلنت المراكز والمنتجعات السياحية في جميع أرجاء تركيا عن استعدادها لاستقبال جموع السياح والزوار.
ومن جهتها أطلقت الحكومة التركية برنامج " السياحة الآمنة " في تركيا حيث وجهت حوالي 100 خطاب إلى الدول حول العالم بخصوص تفاصيله التي تضمن للسائح الأجنبي قضاء عطلة آمنة مع مراعاة جميع القواعد والتدابير الاحتياطية للوقاية من فيروس كورونا منذ لحظة الوصول إلى المطار ، مرورا بالإقامة في الفنادق والمنتجعات وصولا إلى لحظة مغادرته تركيا نحو بلده الأصلي.
مدن على أهبة الاستعداد لاستقبال سياح 2020
أنهت عديد المدن السياحية في تركيا، التحضيرات لاستقبال السياح الداخليين والخارجيين في زمن لا يشبه الماضي القريب، بسبب الآثار التي خلّفها فيروس كورونا وحالة الرعب التي أحدثها عند ملايين البشر، بالإضافة إلى تسببه في تجميد حركة الطيران في العالم.
لكن وبمجرد الاعلان عن استئناف السفر جوا، طرحت عديد المدن التركية برنامجها لصيف 2020 وفق بنود مشروع السياحة الآمنة الذي أطلقته وزارة الثقافة والسياحة التركية في إطار حماية السائح الداخلي والأجنبي وضمان عدم انتقال عدوى الوباء إليه، ومن بين هذه المدن التي سارعت إلى شرح خطتها السياحية واستقبال الزوار نجد:
موغلا
تعتبر موغلا من الولايات التركية المشهورة بمعالمها السياحية والطبيعية والتاريخية، حيث يطلق عليها عديد السياح الذين سبقوا وأن زاروها بـ " جنة الأرض" نظرا لتمتعها بإطلالة رائعة على بحر إيجة أحد أطول سواحل تركيا بمساحة تزيد عن ألف وأربع مائة كيلومترا مربعا تتخللها عديد الموانئ المخصصة لرسو اليخوت التي تعود ملكيتها لأثرياء أتراك وأجانب ورجال أعمال معروفين، يضاف إلى ذلك عدد كبير من الخلجان التي تمزج بين خضرة الطبيعة وزرقة البحر حيث يمكن للسائح أن يستمتع بالهدوء والمناظر الخلابة بعيدا عن ضوضاء المدن وضجيجها . وكانت موغلا سباقة لاستئناف حركية السياحة في تركيا داخليا، حيث توافدت عليها عديد العائلات التي استحسنت التدابير الوقائية التي أمّنت أجواء من الراحة والطمأنينة بعيدا عن الوباء.
قرقلر إيلي
فضّل بعض المواطنين الأتراك والأجانب المقيمين في تركيا استقبال موسم السياحة بزيارة غابات " لونغوز" شمال غرب البلاد والتي فتحت أذرعها لعشاق الطبيعة في إطار العودة للحياة الطبيعية، بالإضافة إلى تسجيل توافد كبير على بلدة " إيغنا أدا" في ديمير كوي بولاية قرقلرإيلي والتي تلقب بالجنة المخفية نظرا لحجم أشجار الزان والبلوط التي تحيط 5 بحيرات تتخللها مسارات لعشاق رياضة المشي والركض، ناهيك عن مجموعة من الحيوانات بينها ما هو نادر . وتضم غابات "إيغنا أدا " ما يزيد عن 500 نوعا من النباتات ومئات الأنواع من الطيور والزواحف والثدييات والأسماك.
بتليس
من بين المناطق التي جذبت السياح الداخليين في تركيا بمجرد إعادة فتح مختلف المرافق، بحيرة نمرود البركانية التي تقع في منطقة تاتوان على ارتفاع 2250 متر عن سطح البحر وصنفت كثاني أكبر بحيرة بركانية في العالم والأكبر على مستوى تركيا، و هو الأمر الذي جعلها نقطة جذب لعديد السياح الأتراك والأجانب الذين يعشقون أحواض المياه الساخنة والباردة حولتها إلى مقصد لممارسة السياحة العلاجية في تركيا.
وتتميز أيضا بحيرة نمرود باحتوائها على مغارة جليدية ومدخنة بخارية محاطة بعديد أنواع الطيور ما أهّلها للحصول على الجائزة المثالية في مشروع الوجهات الأوروبية المميزة " إدين " نظرا لإطلالتها الفريدة واستهوائها القوي لعشاق السفر في أحضان الطبيعة.
طرابزون
تعتبر طرابزون الخضراء من الولايات الساحرة التي لم تخلو على مدار العام من السياح قبل زمن كورونا، وبعد فترة من التجميد، عادت بقوة لاحتضان سياحها الذين يفضلونها لقضاء العطل والاستمتاع بمناظرها الأخاذة على غرار منطقة "ماتشكا" المحاذية للبحرالأسود والشاهدة على الحضارتين البيزنطية والعثمانية من خلال معالم سياحية تفوق 50 معلما يعود عمرها إلى 4 آلاف سنة خلت . ومكّنت التدابير الوقائية التي اعتمدتها الحكومة التركية في إطار برنامج السياحة الآمنة من عودة الحياة إلى هذه المناطق السياحية الساحرة بعد جمود فرضه الوباء، سرعان ما تجاوزته تركيا بصمودها وتدابيرها في التعامل معه مقدمة بذلك مثالا يحتذى به في عديد دول العالم وتجربة فريدة لفتت إليها مختلف الأنظار.