قارّة يفضّل مواطنوها العلاج في تركيا
تعتبر تركيا، من الدول القلائل في العالم التي حجزت لها مكانا بارزا كأفضل وجهة للتداوي والسياحة العلاجية بمختلف تخصصاتها خلال العشرين سنة الأخيرة، إذ شهد القطاع الصحي التركي قفزة كبيرة تنافس في مستواها الخدمات المقدمة في كل من البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، إلاّ أنّ ما ميّز تركيا هي تكلفة العلاج المنخفضة، ما أدّى إلى مضاعفة عدد المرضى الذين يقصدونها للتداوي دون غيرها من البلدان.
ومن الجنسيات التي غيّرت وجهتها من أوروبا صوب تركيا هي الجنسيات الأفريقية خاصة بلدان المغرب العربي "الجزائر، المغرب، تونس وليبيا" بالإضافة إلى الصومال، مصر وأثيوبيا.
نسبة إقبال كبيرة، حفّزت السلطات التركية على بذل المزيد من الجهود لخدمة القطاع الصحي، وكانت النتيجة من خلال تشييد أكبر قدر من المشافي والمدن الطبية، آخرها مدينة باشاك شهير التي تمّ افتتاحها في مايو / أيار 2020 باعتبارها أكبر مستشفى في أوروبا من حيث عدد أسرة وحدات العناية المركّزة وبإمكانيات ضخمة وتخصصات متشعبة بينها ما تم استقدامه لأوّل مرة في تركيا.
من جهة أخرى أبانت تركيا خلال أزمة كورونا على قدرتها الكبيرة في التحكم في الوضع العام بتسجيل أخفض نسبة وفيات في العالم مقارنة بالأعداد الكبيرة للإصابات، يضاف لها تشييدها مستشفيين لعلاج مرضى كورونا "مستشفى مطار أتاتورك ومستشفى سنجق تبه" في أقلّ 45 يوما.
لماذا يقبل الأفارقة بقوّة على العلاج في تركيا؟
إجابة السؤال الذي يتضمّنه العنوان أعلاه، جاءت على لسان رئيس إحدى شركات الرعاية الطبية الاستشارية في تركيا والذي كشف أنّ المستشفيات التركية تم إنشاؤها تحت مظلة مبادرة أفريقيا التي أطلقت من طرف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أول عقد من الألفية الثانية، وذلك بفعل عديد الطلبات المسجلة من طرف مواطني الدول الأفريقية على الخدمات الصحية التركية بعد أن أثبتت تجارب العلاج في تركيا فعاليتها حسب ما يوثّقه لسان المرضى الذين قدموا للتداوي في مستشفيات إسطنبول على وجه الخصوص.
وشرعت تركيا حينها في محادثات أولى متعلقة بتوسيع قطاع الرعاية الصحية لصالح الدول الأفريقية حيث كانت البداية مع الصومال لتشمل الخطوة لاحقا كل من السودان، إثيوبيا، الجزائر، ليبيا، المغرب، كينيا، تشاد وجنوب أفريقيا.
وأضحت القارة السمراء سوقا ذات أولوية كبيرة بالنسبة للسياحة التركية المتخصصة في المجال العلاجي والرعاية الصحية.
وقد بلغ عدد المرضى الأجانب الذين قاموا بزيارة تركيا في بداية الألفية الثانية عشرات الآلاف، ليرتفع الرقم في السنوات الأخيرة إلى أزيد من مليون مريض أجنبي محققين عائدات تصل 4 مليارات دولار أمريكي، ومن المرشح أن يرتفع الرقم أكثر.
وحسب ما تحصيه البيانات فإنّه، في الوقت الذي يجلب فيه السائح العادي ما معدله المتوسط ألف دولار لتركيا، يجلب السائح الطبي الإفريقي ما متوسطه 10 آلاف دولار أمريكي لتركيا.
وتنافس في هذا الصدد تركيا كل من الهند وتايلاند في الأسعار، أمّا بالنسبة للجودة فهي تنافس الولايات المتحدة الأمريكية وعديد الدول الأوروبية.
وبرزت تركيا على وجه الخصوص في عديد التخصصات على رأسها زراعة الأعضاء " الكبد والكليتين" بالإضافة إلى علاج وتجميل الأسنان الذي يروي الكثير من المرضى أنّهم وجدوا في تركيا البيت الذي يضمن لهم تكفلا بمعايير عالمية وبأسعار مناسبة جدا مقارنة بدول أخرى رائدة في المجال.
وسعيا منها للحفاظ على الأعداد الكبيرة التي تقصدها للتداوي قررت تركيا مع بداية انحصار الوباء التاجي إعادة فتح المجال مجددا أمام المرضى الراغبين في السياحة العلاجية هذه الصائفة بإدراج إجراءات خاصّة تضمن نقلهم من المطار إلى المستشفيات في كنف الأمن والسلامة، وخصّت بالقرار عديد الدول الأفريقية على رأسها الجزائر، إثيوبيا وليبيا.
ولم يتوقف فضل المنشآت الطبية التركية في تقديم خدمة علاجية راقية وفقط، بل أسهمت بشكل كبير في استقطاب المستثمرين في عديد القطاعات الاقتصادية، يتقدّمها بشكل لافت قطاع العقارات، حيث أصبح العملاء الأجانب يطلبون شراء شقق للبيع في تركيا بالقرب من المراكز الصحية والمستشفيات، في حين عرفت أسعار المنازل في تركيا بالقرب من المدن الطبية ارتفاعا كبيرا وعوائد ربحية عالية.