هل أنقذت الخطة الاقتصادية 2020 الاستثمار العقاري في تركيا؟

real-estate-Alhuda-turkey-properties

لا ينكر أحد أنّ الاقتصاد التركي عرف خضّة لم تكن متوقّعة مطلع 2020 بسبب الظهور المفاجئ لوباء كورونا في العالم ما أدّى إلى إثارة مخاوف الراغبين في الاستثمار العقاري في تركيا خاصة مع تسجيل البلاد لأولى حالات الوباء شهر مارس المنصرم، وهو ما اضطر السلطات إلى فرض التدابير الوقائية على رأسها تجميد الطيران وغلق المرافق العامة وتعطيل كل خطط الاستثمار العقاري في تركيا و شراء شقق في اسطنبول وباقي المدن . 

حالة من الحجر الصحي نجم عنها خسائر كبيرة على رأسها انخفاض قيمة الليرة التركية، وتراجع السياحة في تركيا أحد أهمّ مصادر الدخل بشكل كامل، فهل هذه الظروف تعني ضعف الاقتصاد التركي أم أنه أوجد لنفسه بديلا يمكّنه من الصمود وتجاوز سنة 2020 بأقلّ خسائر ممكنة؟

ولأنّ المقارنة توضّح المعاني وتكشف اللثام على كثير من اللبس سنحاول في هذا المقال الوقوف عند معرفة وجه الشبه بين الاقتصاد التركي ومختلف اقتصادات العالم خلال المعضلة وأيضا وجه الاختلاف الذي تميّزت تركيا به على غرار بقية دول العالم. 

مثل ما ذكرنا في مطلع مقالنا هذا، كان بديهيا أن يعرف الاقتصاد العالمي  ظروفا صعبة جدا نظير جائحة كورونا التي أدّت إلى توقف شبه كلي لكبرى الشركات العالمية وانهيار بعضها الآخر، فيما لجأت الشركات المتبقية إلى طرح حلول متعددة بغية التصدي للوضع الذي أنتجه الوباء كتسريح العمال وتخفيف النفقات، وحتى الاقتراض من البنوك لتقليص حجم الأعباء لسان حال الشركات التي تملك عددا كبيرا من العمال . 

أمّا بعض الشركات المعروفة لم تتردد في إعلان إفلاسها جراء الضغط الكبير على غرار الشركة الأمريكية العملاقة في تأجير السيارات" هيرتز" رغم 100 عام من تواجدها .

وتسبب الإفلاس المالي الذي تعرضت له شركة " هيرتز" إلى تسريح ما يزيد عن 10 آلاف عامل في أمريكا الشمالية أي ما يعادل 27 % من عمالها في العالم. 

ولم يتوقف الأمر على شركة " هيرتز" فشركة " فلاي بي" البريطانية العريقة في الطيران هي الأخرى أعلنت عدم تحملها آثار كورونا وإفلاسها بعد 40 عاما من الخدمة وسرّحت بدورها ألفي موظف من العمل.  

كيف واجهت تركيا صعوبات كورونا على اقتصادها ؟ 

بالإضافة إلى السياحة والصادرات، تعد العقارات من القطاعات الفاعلة بشكل بارز في الاقتصاد التركي خلال العشر سنوات الأخيرة، فقد عرف نشاط شراء شقق في تركيا سواء محليا أو من طرف الأجانب حركية كبيرة أدت إلى بيع عشرات الآلاف من عقارات في تركيا  إلى جنسيات متعددة خاصة العراقيين، الإيرانيين ، الروس والأفغان و ذلك من خلال عرض شقق رخيصة للبيع في إسطنبول و كذلك شقق للبيع بالتقسيط في إسطنبول

ونظرا لأهمية قطاع عقارات في تركيا ، لجأت شركات الإنشاءات إلى طرح خطط بديلة فعّالة، لها أن تحافظ على عملية بيع عقارات في تركيا ، مثل خفض أسعار الشقق في اسطنبول وخفض أسعار العقارات في تركيا بصفة عامة إلى مستويات قياسية تغطي تكلفة البناء فقط رغم أنّ بعض المشاريع كانت جاهزة للسكن منذ مدّة. 

كما سارعت شركات الإنشاءات في تركيا إلى فتح الباب أمام التملك عن بعد أي شراء العقار أونلاين مباشرة بعد إعلان تجميد حركة الطيران وهو الأمر الذي أسهم بطريقة أو أخرى في الإبقاء على النشاط في قطاع حيوي تعوّل عليه تركيا كثيرا. 

إجراءات حسب العارفين بشؤون أسعار العقارات في تركيا ستؤدي إلى سهولة تحرّك الاقتصاد التركي بعد عودة الحياة تدريجيا خاصة مع كبح جماح الجائحة في تركيا واستئناف حركة الطيران من جديد نحو أزيد من 40 بلدا حول العالم. 

ويرجع الخبراء أسباب صمود الاقتصاد التركي وتحسنه بعد انقضاء الجائحة تدريجيا إلى الخطة التي وضعتها الحكومة التركية لمواجهة الآثار السلبية لوباء كورونا والتي أطلقت عليها " الدرع الاقتصادي" وخصصت لها نحو 30 مليار دولار قدمتها على شكل قروض للمؤسسات وأيضا مساعدات مالية لملايين الأسر المعوزة . 

كما أسهمت الهبة التضامنية من طرف الشعب التركي ورجال الأعمال الأتراك في تدعيم الخزينة العمومية بما يفوق ملياري ليرة وهو الأمر الذي أبقى الاقتصاد التركي صامدا بفضل وقفة شعبه . 

ومقارنة بعديد الدول في العالم أبان الاقتصاد التركي أنّه تصدى للأزمة بشكل قوي حيث أنّ قيمة المساعدات الطبية والغذائية التي قدمتها أنقرة  للعديد من الدول التي كانت تقرصنها في عزّ تفشي الوباء أكّدت اكتفائها الذاتي وخططها المتينة في وجه الأزمات العابرة. 

من جهتها، عبّرت تركيا للعالم عن صمود قطاعها الصحي وهي التي افتتحت أكبر مدينة طبية من حيث أسرة العناية المركزة في زمن كورونا " مدينة باشاك شهير الطبية" المعروفة بأجمل مجمعات شقق للبيع في اسطنبول  في وقت كانت تعاني منه أكبر البلدان في القارتين الأمريكية والأوروبية من نقص فادح، ناهيك عن بنائها مستشفيين في أقل من 45 يوما لاحتواء مرضى كوفيد ـ 19 . 

وما يزيد أيضا من متانة الاقتصاد التركي هو ما يشهده في السنوات الأخيرة من هجرة ملحوظة لرجال الأعمال من مختلف الدول حول العالم إلى تركيا نظرا لانخفاض الضرائب على الشركات وايضا للراغبين في الاستثمار العقاري في تركيا مقارنة بالدول الأوروبية، بالإضافة إلى البنية التحتية القوية للبلاد في واجهتها مطار إسطنبول الثالث ، مترو الأنفاق الذي يمر أسفل مياه مضيق البوسفور ورابع أكبر جسر في العالم " غازي عثمان" ومشروع سد " إيلسو" العملاق على ضفاف نهر الدجلة الذين أسهموا بدرجة كبيرة في زيادة مبيعات عقارات في تركيا وأيضا اختيار تركيا بين عديد الدول في العالم للحصول على الجنسية التركية بعد قرار تخفيض قيمة الاستثمار العقاري لاكتساب الجنسية التركية إلى 250 ألف دولار أمريكي فقط.