تركيا 2023 .. ولادة بعمر 100 عام

تركيا 2023

 

بعض التواريخ تتحول لذكريات عظيمة مع مرورها، لكن هناك تواريخ أخرى تكون عظيمة حتى قبل مجيئنا، لسان حال 2023 في تركيا، التاريخ الذي أُعدّت له العدة قبل قدومه بمئة سنة. 

بعد ثلاثة سنوات من تاريخ كتابة هذا المقال ستكون تركيا على موعد مع عام 2023، الذكرى المئوية لتأسيس الجهورية التركية بتاريخ 29 تشرين الأول / أكتوبر 1923، ولمرور قرن كامل على معاهدة لوزان التي كانت تنتظر أن تفككها السنون بعد طول انتظار وعقود من التقييد 

 

ولم تنتظر تركيا تاريخ 2023 مكتوفة الأيدي، بل حضّرت له ما استطاعت من الاقتصاد القوي والاستثمارات الضخمة والمنشآت الكبرى والبنى التحتية وشبكة المواصلات الكبيرة، محدثة بذلك ثورة منقطعة النظير في العمران والتحول الحضري والانفتاح الاقتصادي على العالم، ما جعلها تحتل مكانة مرموقة ضمن أقوى اقتصادات العالم. 

 

ولم تأت استعدادات تركيا لتاريخ 2023 اعتباطيا، بل كانت وفق مخطط مدروس أطلق عليه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان " رؤية 2023 "، التي تهدف إلى دخول تركيا إلى مصاف الدول المتقدمة الأولى في العالم بالتركيز على إحداث ثورة على مستوى جميع الأصعدة. 

  

وسطرت الحكومة التركية خطتها في محاور رئيسية مهمة انطلاقا من المجال السياسي وصولا إلى الجانب الاقتصادي والتنموي من أجل بلوغ أهداف كبرى سنفصّل فيها في الفقرة أدناه.

  رؤية 2023.. من أجل تركيا جديدة بأهداف كبرى 

 

ترتكز رؤية تركيا 2023 التي جاءت بناء على دراسة معمقة على أهداف استراتيجية، لن تقبل الحكومة التركية حلول عام 2023 دون تحقيقها وفيما يلي سنفصّل في نقاط أبرزها

  •       تسعى تركيا من خلال رؤيتها لعام 2023 إلى أن تكون ضمن نادي العشرة الكبار أي أن تحتل مكانها في قائمة أقوى 10 اقتصادات في العالم
  •      تهدف تركيا إلى رفع الناتج المحلي إلى ما معدله 2 تريليون دولار أمريكي سنويا
  •        تعمل تركيا جاهدة في رؤيتها الاقتصادية إلى الوصول بدخل المواطن التركي إلى 25 ألف دولار أمريكي، وهو هدف لفت إليه أنظار العديد من الراغبين في الحصول على الجنسية التركية ودفع بهم إلى اختيار تملك عقار أي شراء شقق للبيع في تركيا كأقصر طريق لتحقيقه
  •        رسمت تركيا في رؤية 2023 أنّ معدّل البطالة فيها لن يزيد عن 5 % أي بنسبة تخفيض قياسية عن المعدل الحالي.
  •       استمرت تركيا من خلال رؤية 2023 التي تصادف الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية الحديثة في هدف تنشيط التجارة الخارجية التي تسعى إلى وصولها إلى تريليون دولار سنويا، على أساس أنّ المبادلات التجارية الخارجية إحدى أهم الموردات المالية القارة للبلاد.
  •       تخطط تركيا من خلال رؤية 2023 إلى رفع صادراتها 500 مليار دولار سنويا.
  •      تركز تركيا بشكل كبير على تحويل البلاد نحو طاقة الرياح كبديل جديد وذلك بالاستفادة من 20 ألف ميغاوات بحلول عام 2023.
  •        تسعى تركيا إلى رفع طاقتها الحرارية الجوفية إلى ما معدله 600 ميغاوات
  •        تهدف تركيا بحلول 2023 أيضا إلى تقليل استهلاكها الطاقوي إلى 20 % لتجاوز مرحلة مستويات 2010 وذلك بالعمل على تحسين الكفاءة
  •        ستتمكن تركيا في عام 2023 حسب الرؤية المرسومة من تشغيل محطات تركية للطاقة النووية.
  •        لن تصل تركيا إلى رؤيتها مكتملة في عام 2023 إذ ما هي لم تتمكن من الوصول إلى احتلال خامس أكبر وجهة سياحية في العالم ومقصدا لأكثر من 60 مليون زائر سنوي مع رفع عائدات القطاع إلى ما يفوق 50 مليار دولار أمريكي.
  •       تضع رؤية 2023 تطوير قطاع النقل وشبكة المواصلات على رأس أولوياتها، خاصة أنّ تركيا قطعت شوطا كبيرا في المجال، ويتم التخطيط لبناء 11 ألف كيلومتر من السكك الحديدية الجديدة وتوسيع شبكة القطارات العالية السرعة وإنجاز 15 ألف كيلومتر من الطرقات السريعة المزدوجة بالإضافة إلى رفع تصنيف الموانئ التركية لتبلغ قائمة أكبر 10 موانئ في العالم، وإنتاج أكبر عدد ممكن من الطائرات المحلية الحديثة خاصة طائرات بدون طيار مع التركيز على التقدم في مجال الأقمار الصناعية من أجل منافسة عالمية أكبر وأقوى
  •      تحوّل تركيا إلى عاصمة العقارات الأولى في العالم، بعد تصنيفها في عدة مناسبات ووفق الكثير من المؤشرات كواحدة من أفضل مدن العيش والاستثمار، وهو الأمر الذي رفع من أعداد الأجانب المقبلين على الاستثمار العقاري في تركيا خلال العشر سنوات الأخيرة وأدّى إلى تنامي مطالب الحصول على الجنسية التركية من خلال تملك عقار بشكل لافت.  

 مشاريع من قيد الإنجاز إلى حيّز الخدمة في رؤية تركيا 2023 

 

ولأنّ رؤية 2023 هي مسار لأعوام من التخطيط والتنفيذ فإنّ بمجرد حلول هذا التاريخ، تكون تركيا قد قدّمت للعالم عديد المشاريع والمنشآت الكبرى سنعددّ أهمّها في هذه الفقرة:  

 

        قناة اسطنبول المائية: أو المشروع الأضخم في تاريخ تركيا والعالم حيث يربط البحر الأسود ببحر مرمرة وبأهمية اقتصادية تفوق قناتي بنما والسويس حيث سيبلغ طوله 45-50 كم أي ما يعادل 28-31 ميل وبعمق يصل إلى 25 مترا أي في حدود 82 قدما وبخصوص عرضه فيقدر بـ 150 مترا أي 490 قدما على السطح و120 مترا في قاع القناة المائية وهو ما يتوافق مع أبعاد أكبر السفن والغواصات العالمية.

 

       محطة أكويو النووية: تهدف تركيا من خلال رؤيتها إلى أن تتحول إلى واحدة من أكبر منتجي الطاقة النووية في العالم، واكتملت الأشغال بمحطة الطاقة النووية بما يقارب 90 %، ومن المنتظر أن تسهم محطة الطاقة النووية السلمية بقدرة 4800 ميغا التي تقع في مدينة مرسين جنوب البلاد، أن تسهم في الحد الكبير من اعتماد تركيا على واردات الطاقة.

 

      تسليم ثلاث أهم مدن ذكية في تركيا: تعمل تركيا في رؤية 2023 على تسليم كل من مدينة صقاريا الذكية الواقعة في منطقة مرمرة شمال غرب تركيا، وأيضا مدينة قيصري بقلب الأناضول ومدينة غازيي عنتاب في جنوب شرق البلاد.

 

       الوكالة الفضائية التركية: وهو المشروع الذي تمت الموافقة عليه من قبل الحكومة التركية في أواخر عام 2018 ومن المتوقع تسليمه قبل حلول 2023 بما يضمن لتركيا قفزة أخرى في مجال ترسيخ وتطوير الاقتصاد المبني على المعرفة.

 

 تركيا 2023 لا تشبه تركيا ما قبلها، بهذه الرؤية الواضحة والأهداف الكبرى يمضي أحفاد العثمانيين بثبات نحو القمة في صعود متماسك ومستمر يرفض الانحدارات ويتحدى جميع أشكال التراجع نحو الخلف، فالهدف كبير ويستحق كل هذه الجهود " تركيا تحجز مكانها بعد حمل استمر 100 عام من التغذية الثرية بالإنجازات".  

 

مقالات ذات صلة:

التحول الحضري في تركيا :ثورة احترازية في وجه كورونا 

كيف سينجو اقتصاد تركيا من عقبة كورونا؟

 

كيف ولماذا بدأت ثورة العقار في تركيا