تركيا 2023 … مشروع قيامة امبراطورية

تركيا 2023 … مشروع قيامة امبراطورية

قبل قرن من الزمن شهد عالمنا هذا حرباً طاحنة لم يكن البشر فقط ضحاياها, رحلت في إثرها دول وامبراطوريات و تغيرت معالم بلدان وديموغرافيا شعوب بأكملها.

بعد انتهاء معارك الحرب العالمية الأولى في نهاية العقد الثاني من القرن العشرين في عام 1918م اجتمعت دول الحلفاء وهي الطرف المنتصر في تلك الحرب تقتسم الغنائم وتفرض شروطها على البلاد التي تكبدت الخسارات المفجعة وعلى رأسها الامبراطورية العثمانية تلك الامبراطورية العظمى التي وصلت حدودها يوماً الى وسط أوروبا وحكمت العالم بأسره لمئات السنين

احد اسوأ ما حدث للدولة العثمانية بعد خسارة الحرب العالمية الأولى كان توقيع معاهدة الخسارة ألا وهي ما يعرف بمعاهدة لوزان في تاريخ 24 يوليو 1923 وذلك بين كل من تركيا من جهة ودول الحلفاء المنتصرة في الحرب العالمية الأولى من جهة ثانية والتي بموجبها تم حل الامبراطورية العثمانية وتقليص نطاق حكمها لا تقتصر على منطقة الأناضول او ما نعرفه اليوم باسم الجمهورية التركية

و للمعاهدة بنود عدة الا ان اسوئها كان مصادرة جميع أموال الإمبراطورية العثمانية و تنازل تركيا عن حقوقها في كل من السودان ومصر وتخليها عن سيادتها على قبرص وليبيا ومصر والعراق وبلاد الشام 

بالاضافة الى اعتبار مضيق البوسفور ممرا مائيا دوليا ولا يحق لتركيا تحصيل أية رسوم منه.

وقد حددت مدة سريان هذه المعاهدة بمئة عام اعتباراً من لحظة توقيعها والذي يصادف عام 2023 القادم ولعل بعض الامور قد وضحت الى الان عن أهمية هذا التاريخ بالنسبة إلى تركيا 


تركيا 2023 ولادة تركيا الحديثة والقوية 

سمع جميعنا ورأى الحملة الاعلانية الضخمة التي اطلقها حزب التنمية والعدالة التركي الذي يترأسه رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الحالي والتي حملت شعار تركيا 2023 وهو كان أساس البرنامج الانتخابي للحزب والرئيس أردوغان.

لذا لابد وأن التاريخ هذا اصبح بمثابة علامة استفهام بالنسبة للعديدين إذ يتساءل كثر عن ما يخبئه هذا العام لتركيا وحتى للعالم ككل.

قد أوضحنا سابقاً في المقال انه هو تاريخ انتهاء صلاحية معاهدة لوزان الا ان اهمية العام 2023 لا تتوقف على هذا الامر فقط بل هو ينطوي على عدة نواح أكثر واشمل لكل ما يهم البلاد.

ان خطة الحكومة التركية الحالية بزعامة حزب العدالة والتنمية تكمن في اعادة بناء تركيا القوية الحديثة والتي تتمتع بثقل دولي ذو أثر مهم في القضايا العالمية هذا الامر لا يأتي بمجرد انتهاء معاهدة بل يتحقق في الجهود الحثيثة التي تبذل منذ عشرات السنين 

وقد رأينا جميعاً مشاريع البنية التحتية الضخمة التي قامت بها او اطلقتها الحكومة التركية والتي تهدف الى النهوض بتركيا على أساس متين الا وهو اقتصاد قوي ينافس اقوى اقتصادات العالم

وتركيا اليوم ضمن مجموعة العشرين وهي مجموعة تضم أكبر الاقتصادات في العالم على الإطلاق، ووصل الناتج القومي لتركيا عام 2013 إلى حوالي تريليون و100 مليار دولار وهو ما يساوي الناتج المحلي لأقوى ثلاث اقتصادات في الشرق الأوسط وهي السعودية والإمارات وإيران، بالاضافة الى  زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي والتجارة الحرة وذلك بتوفير جو ملائم للمستثمرين وزيادة عدد الشركات وغزو تركيا للسوق العالمية بمنتجاتها.

وفي المجال الصناعي فتركيا صنعت في ظل الحكومة المدنية الحالية أول دبابة مصفحة وأول ناقلة جوية وأول طائرة بدون طيار وأول قمر صناعي حديث واستطاعت تركيا أن تصنع غواصتين نوويتين بمبلغ 60 مليون دولار فقط علما أن ثمنها يساوي 300 مليون دولار، وفي عشر سنوات تم بناء 125 جامعة, 198 مدرسة و 510 مستشفى.

 ولا ننسى مطار اسطنبول الجديد الذي يعتبر من أكبر المطارات في العالم  والذي وضع تحت الخدمة في العام الماضي و مشروع قناة اسطنبول والسيل التركي الذي سيمنح تركيا حاجتها من الغاز الطبيعي ويعود عليها بوارد مادي كبير ولا ننسى أننا شهدنا مع مطلع هذا العام الكشف عن أول سيارة كهربائية تركية الصنع بالكامل  

لا ننسى ايضاً أنه مع انتهاء معاهدة لوزان سيظهر قطاع جديد على الساحة التركية وهو قطاع الطاقة حيث تسعى تركيا لاستكشاف مواردها في مجال الطاقة وهو ما يمكن له أن يقلب الموازين الاقتصادية الدولية تماماً خاصة وأن موارد الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط وحدها يعتقد إن قيمتها تبلغ نحو 3 تريليونات دولار.


ماذا يعني كل هذا لك كشخص او مستثمر أجنبي في تركيا؟

بالطبع فإن هذا الامر سيؤثر على دول الجوار لتركيا وحتى دول المنطقة ككل اذ انه كما ذكرنا ستنقلب الموازين وستصعد اقتصادات مقابل هبوط أخرى.

لكن الأمر الجيد لك خاصة كمستثمر أجنبي في تركيا هو أنه استثمارك سينمو وسيجني ارباح اكثر بكثير كما أنه سيفتح افاق اوسع للعمل والاستثمار في تركيا وسيوفر فرص للعمل بشكل هائل.

وإذا تحدثنا عن سوق العقارات في تركيا بشكل خاص فإن هذا الموضوع سيضاعف أرباح الاستثمارات القائمة اصلاً ويمنح المستثمرين الأجانب واصحاب العقارات في البلاد دفعة كبيرة نحو النجاح والعائد المادي العالي وحتى توسيع الأعمال وزيادة الأرباح.

 

رؤية 2023.. من أجل تركيا جديدة بأهداف كبرى 

ترتكز رؤية تركيا 2023 التي جاءت بناء على دراسة معمقة على أهداف استراتيجية، لن تقبل الحكومة التركية حلول عام 2023 دون تحقيقها وفيما يلي سنفصّل في نقاط أبرزها: 

  •      تسعى تركيا من خلال رؤيتها لعام 2023 إلى أن تكون ضمن نادي العشرة الكبار أي أن تحتل مكانها في قائمة أقوى 10 اقتصادات في العالم
  •     تهدف تركيا إلى رفع الناتج المحلي إلى ما معدله 2 تريليون دولار أمريكي سنويا
  •       تعمل تركيا جاهدة في رؤيتها الاقتصادية إلى الوصول بدخل المواطن التركي إلى 25 ألف دولار أمريكي، وهو هدف لفت إليه أنظار العديد من الراغبين في الحصول على الجنسية التركية ودفع بهم إلى اختيار تملك عقار أي شراء شقق للبيع في تركيا كأقصر طريق لتحقيقه. 
  •       رسمت تركيا في رؤية 2023 أنّ معدّل البطالة فيها لن يزيد عن 5 % أي بنسبة تخفيض قياسية عن المعدل الحالي.
  •      استمرت تركيا من خلال رؤية 2023 التي تصادف الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية الحديثة في هدف تنشيط التجارة الخارجية التي تسعى إلى وصولها إلى تريليون دولار سنويا، على أساس أنّ المبادلات التجارية الخارجية إحدى أهم الموردات المالية القارة للبلاد.
  •      تخطط تركيا من خلال رؤية 2023 إلى رفع صادراتها 500 مليار دولار سنويا.
  •      تركز تركيا بشكل كبير على تحويل البلاد نحو طاقة الرياح كبديل جديد وذلك بالاستفادة من 20 ألف ميغاوات بحلول عام 2023.
  •       تسعى تركيا إلى رفع طاقتها الحرارية الجوفية إلى ما معدله 600 ميغاوات
  •       تهدف تركيا بحلول 2023 أيضا إلى تقليل استهلاكها الطاقوي إلى 20 % لتجاوز مرحلة مستويات 2010 وذلك بالعمل على تحسين الكفاءة. 
  •       ستتمكن تركيا في عام 2023 حسب الرؤية المرسومة من تشغيل محطات تركية للطاقة النووية.
  •       لن تصل تركيا إلى رؤيتها مكتملة في عام 2023 إذ ما هي لم تتمكن من الوصول إلى احتلال خامس أكبر وجهة سياحية في العالم ومقصدا لأكثر من 60 مليون زائر سنوي مع رفع عائدات القطاع إلى ما يفوق 50 مليار دولار أمريكي.
  •      تضع رؤية 2023 تطوير قطاع النقل وشبكة المواصلات على رأس أولوياتها، خاصة أنّ تركيا قطعت شوطا كبيرا في المجال، ويتم التخطيط لبناء 11 ألف كيلومتر من السكك الحديدية الجديدة وتوسيع شبكة القطارات العالية السرعة وإنجاز 15 ألف كيلومتر من الطرقات السريعة المزدوجة بالإضافة إلى رفع تصنيف الموانئ التركية لتبلغ قائمة أكبر 10 موانئ في العالم، وإنتاج أكبر عدد ممكن من الطائرات المحلية الحديثة خاصة طائرات بدون طيار مع التركيز على التقدم في مجال الأقمار الصناعية من أجل منافسة عالمية أكبر وأقوى
  •     تحوّل تركيا إلى عاصمة العقارات الأولى في العالم، بعد تصنيفها في عدة مناسبات ووفق الكثير من المؤشرات كواحدة من أفضل مدن للعيش والاستثمار، وهو الأمر الذي رفع من أعداد الأجانب المقبلين على الاستثمار العقاري في تركيا خلال العشر سنوات الأخيرة وأدّى إلى تنامي مطالب الحصول على الجنسية التركية من خلال تملك عقار بشكل لافت.  


مقالات ذات صلة:

تركيا 2023 .. ولادة بعمر 100 عام