120 مليار دولار من الاستثمارات التركية في لبييا.. وقطاع المقاولات في الصدارة
مباشرة عقب توقيع الاتفاق بين حكومة الوفاق الليبية والسلطات التركية بدأت استثمارات أنقرة تتهاطل في ليبيا بشكل مكثّف وأصبح المستثمرون الأتراك يدشنون مشاريعهم الضخمة في هذه الدولة الإفريقية خاصة في قطاع المقاولات والإنشاءات، هذا القطاع الذي كسب صيتا واسعا في العامين الأخيرين حيث تشير الإحصائيات إلى أنّ تركيا احتلّت المركز الثاني عالميا بعد الصين من حيث حجم الانتشار الدولي لمقاولاتها ومشاريعها العقارية في العالم بالإضافة إلى الأرقام القياسية التي تحققها في حجم شراء عقار في اسطنبول تركيا أو عروض شقق للبيع في اسطنبول بصفة خاصة و شقق للبيع في تركيا بصفة عامة.
وتركز كل من أنقرة وطرابلس على ضرورة استغلال الخبرة التركية ورؤوس الأموال من أجل الاستثمار العقاري في جميع أسواق الولايات الليبية وإحداث انتعاش اقتصادي بعد ركود امتد لما يزيد عن التسع سنوات من النزاع السياسي والأمني والحرب التي أتت بشكل شبه كليا على الاقتصاد التركي .
وقدّر مجلس الأعمال التركي الليبي الفرع التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركية حجم الاستثمار التركي الكلي في ليبيا بـ 120 مليار دولار أمريكي في مقدمته قطاع الإنشاءات خاصة مع الهدوء التدريجي الذي عاد لبعض المدن الليبية حيث بدأت مرحلة إعادة إعمار جميع المنشآت العمرانية خاصة السكنية والعقارات التجارية بالإضافة إلى إعادة بعث مشاريع البنى التحتية والفوقية .
واستأنف المقاولون الأتراك تنفيذ مشاريعهم العقارية الخارجية في ليبيا التي كانت أرضا تضم أكبر قدر من أعمالهم بما قيمته 19 مليار دولار أمريكي توقفت في الفترة الماضية بسبب الصعوبات الأمنية والسياسية التي واجهتها ليبيا ما ترتّب عنها مستحقات عالقة بمجموع 4 مليارات دولار من دفعات مالية وضمانات ومعدات وآلات وأضرار أخرى مختلفة .
أنقرة وطرابلس .. نحو متانة اقتصادية أقوى
تربط تركيا وليبيا علاقات اقتصادية متينة وصلت ذروتها عام 2012 حيث تجاوزت حينها الصادرات التركية إلى ليبيا ملياري دولار أمريكي إلاّ أنّها تأثرت لاحقا بالمشاكل السياسية التي عان منها البلد الإفريقي .
رقم رغم تراجعه في السنوات الماضية إلاّ أنّه مرشّح للعودة بقوة سنة 2020 بزيادة قدرها 50 % على أساس سنوي ليصل إلى 3 مليارات دولار أمريكي .
وترتكز الصادرات التركية إلى دولة ليبيا على مجموعات متنوعة من المنتجات أبرزها مستلزمات المجوهرات والأثاث بالإضافة إلى السجاد التركي ومنتجات الحديد والصلب ناهيك عن لحوم الدجاج والعشرات من أصناف المنتوجات الأخرى التي تزخر بها تركيا.
كما أنّ ليبيا تعرف طلبا كبيرا على الألمنيوم والغذاء ومواد تعبئة وتغليف الشاي ومختلف الأجهزة المنزلية والنسيج والملابس والأحذية والأدوية والمنتجات المعدنية والمولدات وإدارة الموانئ والعديد من المنتجات الأخرى .
وجاء استثمار الأتراك في طرابلس استجابة لدعوات رجال أعمال ليبيين رغبوا في إظهار مستوى جاذبية الاستثمار في بلادهم من أجل الوصول بليبيا إلى درجات متقدمة اقتصاديا.
وتطمح تركيا إلى أن تكون ليبيا ذات الموقع الاستراتيجي الجذاب بوابتها المفتوحة على القارة السمراء خاصة مع التوسع الاقتصادي والاستثماري التركي في الأراضي الأفريقية والذي تترجمه عديد الاتفاقيات الموقعة بين تركيا وبلدان إفريقية في السنوات الخمس الأخيرة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ ليبيا دولة تعتمد شبه كليا في تلبية احتياجاتها الأساسية من الخارج وهو ما تحاول تركيا كونها دولة منتجة ورائدة في التصدير تلبيته عن طريق تزويد طرابلس بكل النقائص من السلع والبضائع مثل الأثاث والمنتجات الورقية والخشبية والصلب والسجاد والمواد الكيميائية والمجوهرات والمواد الغذائية مثل الحبوب والبقوليات والبذور الزيتية.
وتعمل تركيا جاهدة على رفع قيمة صادراتها إلى ليبيا لتصل 10 مليارات دولار أمريكي خلال السنوات القليلة المقبلة خاصة أنّ البلدين لا يبعدان عن بعضهما سوى ثلاثة أيام بحرا وساعتين عبر المجال الجوي وهو ما يعتبر نقطة جذب للشركات العاملة في مجال الاستيراد والتصدير وشحن البضائع بمختلف أنواعها خاصة بعد توقيع اتفاقية مناطق الصلاحية البحرية بين تركيا وليبيا ما من شأنه أن يعزّز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدولتين.
وفي صعيد متصل، عرفت تركيا خاصة اسطنبول، إقبالا منقطع النظير في السنوات الأخيرة من طرف المستثمرين الليبيين ورجال الأعمال الذين يتهافتون بقوة على عروض شراء عقار في اسطنبول تركيا وآخرون أصبح لهم باعا في السوق العقارية التركية بحيث تحوّلوا إلى مستثمرين عقاريين بارزين يقومون بشراء عقارات في تركيا وإعادة عرضها للبيع أو التأجير فيجد الباحث مثلا عن عرض للبيع شقق في تركيا، تلك التي يتملّكها الليبيون في الواجهة.