اسطنبول أم دبي .. أي الصفقات العقارية أنجح ؟
ليس بالأمر الهيّن أن يقتنع أي راغب في الاستثمار العقاري بمنطقة دون غيرها أو ببلد على حساب آخر أو بعاصمة بحد عينها، نظرا لكثرة العروض والتحفيزات، ففي عالم مليء بالفرص الاستثمارية يصعب على أي مهتم بشراء العقارات معرفة الأفضل دون توجيه أو تلقي استشارات في القطاع لها أن تخفف عنه عبء الاختيار وتقوده لأصوب قرار .
وتتكرر على لسان عديد المهتمين بالاستثمار العقاري أسئلة كثيرة بخصوص نوعية الاستثمار والعائد منه ومدة استرجاع رأس المال في المنطقة التي وقع عليها الاختيار مبدئيا، وفي هذا الصدد برزت وجهات تنافسية أصبح يطلق عليها عواصم العقارات التي تمكنت من استقطاب عديد الاستثمارات الداخلية والأجنبية وشهدت تشييد مشاريع ضخمة لفتت إليها أنظار العالم .
ومن الدول التي كانت محطة جذب في السنوات القليلة الآنفة نجد الإمارات العربية المتحدة وتركيا وبالضبط في كل من مدينتي دبي التي تلقّب بعاصمة الشرق الأوسط واسطنبول التي يطلق عليها محبيها "عاصمة العالم "، ومن هنا جاء الهدف من كتابة هذا المقال، توضيح الرؤية حول أيّهما أفضل استثماريا وأيهما أنسب لمضاعفة رأس المال في قطاع العقارات، شراء عقارات في اسطنبول أم في دبي ؟ ولماذا ؟
مسح حول واقع سوق العقارات في كل من اسطنبول ودبي
سنحاول من خلال هذا المقال الوقوف عند أهم الخصائص، الإيجابيات والسلبيات التي تميز كل من سوق العقارات في اسطنبول وسوق العقارات في دبي .
واقع سوق العقارات في دبي والمستقبل الاستثماري
تمر دبي منذ ما يقارب خمس سنوات بوضعية انكماش عقاري غير مسبوق تنبئ بتراجع رهيب لمستقبل القطاع بالإضافة إلى تحذيرات متكررة من أضرار كبيرة ستمس المطورين العقاريين خاصة الصغار منهم والذين لجأوا إلى تخفيض قياسي للأسعار إلاّ أنه بقي مرتفعا مقارنة بـ أسعار المنازل في تركيا مثلا أو في دول أوروبية أخرى .
ومن أكثر الأعراض السلبية التي تواجه الاستثمار العقاري في دبي هي كثرة المعروض مقارنة بانخفاض حاد في الطلبات من قبل المستثمرين الأجانب التي كانت تعول عليهم إمارة دبي كثيرا.
وتشير تقارير وكالة ستاندار آند بورز للتصنيف الائتماني أنّ قطاع العقارات في دبي سيواصل مرحلة اللاستقرار خلال السنوات المقبلة حيث انخفضت قيمة التبادلات العقارية في دبي بنسبة 21.5 % لتصل إلى أقل 60 مليار دولار خلال 2019 .
وتواصل سوق العقارات في دبي تقهقرها حيث فقدت ثلث قيمتها منذ 2014 رغم ما أقرته الحكومة الإماراتية من تحفيزات منذ سنة 2018.
ويرجع الكثير من الخبراء سبب تراجع الطلب على عقارات دبي التي يعيش فيها نحو 4 ملايين، 90 % منهم أجانب إلى غلاء تكلفة المعيشة التي تعتبر الأعلى قيمة في العالم حيث حلت دبي ضمن المراكز العشرين لأغلى أماكن الإقامة في العالم سنة 2018 والمركز الثاني في منطقة الشرق الأوسط .
وبالإضافة إلى غلاء المعيشة، أثّر الطقس الحار لإمارة دبي كثيرا على رغبة الأجانب في الاستقرار أو حتّى الاستثمار فيها.
ويرى الكثير من المختصين أنّ خطط السداد والدفع في دبي لا تتماشى والتسهيلات التي تشهدها عدة أسواق عقارية في العالم بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في الأسعار وعدم وجود عروض بنكية للدفع بشكل أكثر تيسيرا .
ويؤكد ذات الخبراء أنّ العائد الاستثماري في دبي أصبح قليلا جدا نظرا للتذبذب الكبير الذي يشهده الاقتصاد الاماراتي في الآونة الأخيرة والذي جعل العرض يفوق الطلب بشكل كبير، كما أنّ تفكير دولة الإمارات العربية المتحدة في اللجوء إلى الاستدانة بعد جائحة كورونا أخلط كل الأوراق وأبان عن هشاشة اقتصاد البلاد .
سوق العقارات في اسطنبول والمستقبل الاستثماري
لقد شهدت تركيا خلال السنوات الأخيرة نموا اقتصاديا سريعا جعلها تبرز في واجهة الدول الأقوى والأكثر متانة خاصة في قطاعي السياحة والصادرات، هذا الأخير الذي بلغت عن طريقه عديد البلدان في العالم، يضاف إلى ذلك قطاع العقارات الذي حوّل تركيا إلى نقطة جذب عالمية خاصة مع تطور نظام التمويل العقاري وتشييدها عديد المجمعات السكنية الضخمة وفق تصميمات حديثة أثبتت تميزها في السوق العالمية ونالت بذلك إطراء الكثير من المنظمات العالمية المتخصصة في المجال العقاري.
وامتد تميز السوق العقارية التركية من الحداثة إلى المناعة القوية في وجه الأزمات حيث أنّ أسعار المنازل في تركيا عرفت ارتفاعا دائما رغم عديد الأحداث التي مرت بها البلاد كمحاولة الانقلاب الفاشلة سنة 2016 والهبوط الحاد في الليرة التركية إثر العقوبات الأمريكية سنة 2018 وآخرها تداعيات الجائحة التي هزّت العالم بأسره وكانت تركيا جزءا منها إلاّ أنّها لم تتمكن من القطاع العقاري، فلم تؤثر كورونا على أسعار الشقق في اسطنبول 2020 التي بقيت صامدة بل وفي عز الأزمة تمكنت تركيا من بيع العقارات أونلاين وظل الطلب على عقارات في تركيا قائما من طرف المستثمرين سواء المحليين الذين فضلوا الفلل المستقلة أو الأجانب الذين حجزوا شقق للبيع في اسطنبول من أجل مباشرة إجراءات التملك فور عودة الرحلات الدولية التي من المنتظر أن تنطلق نهاية يونيو / حزيران 2020 .
ويضمن المقبل على شراء شقق للبيع في اسطنبول عائدا استثماريا كبيرا مع استرجاع رأس المال في أقل وقت ممكن حيث تعرف أسعار العقارات ارتفاعا مضطردا لا يتأثر بالأزمات العابرة مهما كانت قوتها.
من جهتها التكاليف الإضافية لعملية شراء شقق للبيع في اسطنبول كالرسوم والضرائب تعتبر ضمن قائمة المصاريف الأرخص والأكثر انخفاضا في العالم .
ولفت أيضا سوق العقار التركي إليه عديد المستثمرين في السنوات الأخيرة بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به تركيا وعلى وجه الخصوص اسطنبول أو عاصمة العالم كما يطلق عليها حيث أنها تربط بين قارتي أوروبا وآسيا في واحدة من الجسور الأكثر جمالا عبر مر التاريخ ، يضاف إلى ذلك تشييد عديد المنشآت الكبرى التي زيّنت وجه تركيا وزادت من نسبة إقبال المستثمرين على شقق للبيع في اسطنبول على غرار القناة المائية والمطار الثالث الذي يعد الأكبر عالميا وشبكات ضخمة والمواصلات والطرقات .
ويستفيد الأجنبي الراغب في شراء شقق للبيع في اسطنبول من ليونة وسهولة التشريعات العقارية التركية التي تضمن له نفس الحقوق التي يتمتع بها الأتراك، كما تتميز أغلب البنود القانونية بخلوها من التعقيدات التي تواجه الأجانب في بلدان أوروبية وعواصم عالمية أخرى.
وينصح أغلب خبراء سوق العقارات في العالم المستثمرين الراغبين في ضمان اختيار ذكي بالتوجه إلى تركيا على اعتبارها بلدا يعرف توازنا ونموا جراء التفوق المستمر للطلب على العرض .