الآذان يصدح في "آيا صوفيا" بعد 86 عاما .. الرجوع إلى الأصل فضيلة !

آيا صوفيا

بحكم الأدلة والحجج والبراهين كان قرارا قضائيا لكن، بحكم التاريخ والحقائق ما هو إلاّ  فضيلة " أَ وليس الرجوع إلى الأصل فضيلة " في معتقدات الأمم والشعوب . 

آيا صوفيا، المسجد الذي حوّله القرار المجحف إلى متحف، يعود بعد 86 عاما إلى جذوره وأصل تشييده " مسجد يصدح فيه الآذان ويذكر اسم الله وتتلى آيات الذكر الحكيم " . 

وجاءت عودة " آيا صوفيا" مسجدا بعد تحويله إلى متحف سنة 1934 ، بحكم قرار قضائي أصدرته المحكمة العليا التركية يقضي بإلغاء تحويله إلى متحف. 

وأصبح بإمكان المسلمين الأتراك ومن كل البقاع أداء الصلاة في آيا صوفيا للمرة الأولى منذ حوالي 9 عقود من الزمن، فيما برمجت أول صلاة جمعة فيه بتاريخ 24 يوليو 2020 . 

وتم في ذات الصدد إصدار أمر رئاسي بإسناد إدارة شؤون مسجد " آيا صوفيا" إلى رئاسة الشؤون الدينية التركية مع إلغاء رسوم دخول المسجد الذي كان متحفا وهو ما يتيح للزوار التجول فيه والاستمتاع مجانا .  

آيا صوفيا .. بين الماضي والحاضر 

صحيح أنّ المسلمين صلّوا لما يفوق 5 قرون في مسجد آيا صوفيا إلاّ أنّ تشييده كان في الأصل " كاتدرائية" تم بناؤها في القرن السادس الميلادي، ليحوّلها السلطان العثماني محمد الفاتح في حدود العام 1453 م من كنيسة أرثوذكسية إلى مسجد بعد ما دخل القسطنطينية فاتحا ومدوّنا لصفحة من أنصع صفحات التاريخ التركي . 

واستمر " آيا صوفيا" مسجدا وقبلة للمسلمين إلى غاية القرار المجحف الذي صدر في حقه سنة 1934 بتحويله إلى متحف . 

وبعد مرور حوالى 85 عاما، تقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمقترح لإرجاع المعلم الأثري المدرج في قائمة التراث العالمي " اليونسكو " إلى مسجد مجددا وهو الأمر الذي تحقق لاحقا بقرار قضائي قطع قول كل خطيب .

مقطع من الفتح التاريخي لآيا صوفيا 

بالعودة إلى تاريخ تحويل الكنيسة إلى مسجد، نجد في صفحات الماضي البعيد أنّه بعد حصار طويل، دخل في عام 1453 م السلطان محمد الفاتح مدينة اسطنبول فاتحا، وكان توجهه الأول حسب المؤرخين إلى آيا صوفيا وهي اللحظة التي حوّل فيها مخاوف البزنطيين إلى أمن وطمأنينة وسلام . 

وزرع السلطان محمد الفاتح راية نصره لدخول اسطنبول على محراب آيا صوفيا حيث صدح بأول آذان داخلها ثم سجد شكرا لله وصلى ركعتين معلنا تحويل الكنيسة إلى مسجد للصلاة والذكر والعبادة بعدما دمرت وحرقت مرتين بسبب الحروب والاضطرابات . 

لم تكن ركعتي محمد الفاتح في إحدى زوايا آيا صوفيا إلّا تدشينا للتحويل التاريخي، ليتم بعد 3 أيام من ذلك، افتتاح المسجد رسميا أمام العبادة وأداء أول صلاة جمعة بإمامة الشيخ " آق شمس الدين" بعد جهود مضنية من الفاتح ورفقائه . 

ومن الألقاب التي نالها السلطان محمد الفاتح بعد فتحه اسطنبول " لقب الامبراطور الروماني" وبالتالي أصبح مالكا لجميع العقارات التي كانت مسجلة باسم الأسرة البيزنطية وبناء على بنود هذا القانون أصبح مسجد آيا صوفيا وقفا باسم محمد الفاتح ليتم تسجيل ملكيته له في سند رسمي صدر في عهد الجمهورية الجديدة وبالحروف التركية الحالية .  

أقوال محمد الفاتح حول آيا صوفيا 

يقول محمد الفاتح في واحدة من صفحاته الوقفية التي كتبها في عام 1453 : " محاولة أي شخص أو جماعة تغيير الوقفية أو تعديلها أو إخراج آية صوفيا من صفة مسجد أو إعلان الوصاية عليها من خلال مؤامرة أو تأويل فاسد أو تزوير أو كذب هو اقتراف لذنب عظيم وارتكاب لأكبر أنواع الحرام التي تنجم عنها لعنة أبدية من الله ونبيه وملائكته " . 

وبالقرار التاريخي الذي أرجع آيا صوفيا إلى طبيعتها " مسجدا" يكون حفدة محمد الفاتح قد حفظوا الوصاية وصانوا الأمانة وربطوا بين جسر الماضي والمستقبل رغم كل التأويلات المغرضة والحملات الشوعاء التي طالت إرثا قبل أن يكون تركيا هو ملك لجميع المسلمين وواحد من اجمل معالم اسطنبول